الجمعة، 23 يناير 2009

لماذا يوقعون لإسرائيل ، ولايوقعون لحماس؟

وأخيراً توقفت آلة الحرب الإسرائيلية عن القتل والتدمير في غزة الجريحة ، وفر جنود الاحتلال من القطاع في أسرع انسحاب عرفه تاريخ الحرب الحديثة خوفاً ورهباً.

انسحبوا وهم يجرون أذيال الخزي والعار بعد أن انهزموا هزيمة تاريخية رغم حجم الدمار الذي أحدثته آلتهم العسكرية في البشر والشجر والحجر.

لقد واجه أبناء غزة الأبطال الأحرار آلة الحرب بصدور مكشوفة لا درع لهم سوى الإيمان ، ولا سلاح لهم سوى قولهم حسبنا الله ونعم الوكيل، لم يواجهوا عدوهم وجهاً لوجه إذ كان بارعاَ في الاختفاء خلف آلته العسكرية، ومعداته الثقيلة ، وطائراته البعيدة . أما في أوقات المواجهة القليلة مع المجاهدين البواسل، فقد تميز بسرعة الفرار .

أجل انهزم الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وانكسر أمام القوة التي تقهر وتكسر كل جبابرة الأرض : إنها قوة العقيدة والإيمان والثقة بنصر الله.

ظلوا يحاولون التقدم منذ بدء العملية البرية البربرية بعد أن أعملوا الخراب والدمار من الجو والبحر ، واحتموا في أجساد الشباب والنساء والأطفال الذين اتخذوهم دروعاً بشرية. يالخستهم ، أي جبن هذا؟ ، ورغم كل هذا لم يفلحوا في التقدم سوى أمتار قليلة ، وهكذا ظلوا بين الكر حيناً والفر أحياناً حتى اندحروا وتقهقروا وانقلبوا على أعقابهم خاسرين في أقل من يومين بعد محاولات فاشلة استمرت أكثر من ثلاثة أسابيع.

ارتسمت على وجوههم علامات السرور والارتياح أثناء رحيلهم . من يراهم يظنها فرحة النصر . وحاش لله أن يتنصر الجبناء . إن هي إلا فرحة الفرار من القتل.

إن النصر الوحيد الذي حققوه في غزة هو خروجهم أحياء من بين أيدي المقاومين البواسل ، اللهم إن كان قتل النساء والأطفال العزل نصراً مؤزراً . او كان تدمير دور العبادة والمستشفيات ومقرات الإغاثة الدولية بسالة، أو كان اتخاذ الدروع البشرية من المدنيين شجاعة.

وبعد أن حصدوا الخزي والعار والهزيمة جملة واحدة ، وانكشفوا أمام العالم الحر ، جاء المناقون يؤازرون ويناصرون. تركوا الضحية تنزف وجاؤوا لمؤازرة الجلاد ! أي عالم هذا ؟ حتى السكرتير العام للأمم المتحدة الذي كان من المفترض أن يكون محايداً في قراراته وتصرفاته ، لم يجرؤ على زيارة أي موقع من المواقع التي انتهكتها آلة الدمار والخراب سوى موقع الأنروا. أي عصر هذا الذي نعيش فيه؟! أيها المنافقون الحاقدون، المنتصرون للباطل المؤيدون للظلم المدافعون عن الخطيئة المتوشحون بالديمقراطية الزائفة ، يا قادة العالم المتحضر ألا تستحون ؟! هل أصابكم ما أصاب قادة الأنظمة العربية الفاسدة فعميت أبصاركم عن إرادة شعوبكم الحرة الذين خرجوا بالملايين لمناصرة الحق ومجابهة الباطل؟

لقد كان من المفترض أن تكونوا كباراً بما تمثلونه من دول كبرى ، ولكنكم أصبحتم أقزاماً بمواقفهم المخزية.

حسناً ، لقد نالت إسرائيل تعاطف وتأييد بضعة أشخاص يمثلون الأنظمة الرسمية . بضعة منافقين يعلنون تعاطفهم وولاءهم لهذا الكيان الغاصب ، بينما خرج ملايين البشر من الشعوب الحرة الأبية يؤيدون ويتعاطفون مع الشعب الأبي في غزة.

فهل يقارن بضعة أشخاص من المنافقين بملايين الأحرار الشرفاء؟

لقد وقعت مصر لإسرائيل . رضخت القيادة المصرية لرغبات العاهرة الفاجرة حفاظاَ على أمنها وهي ترتكب كل المحرمات ، كل المنكرات ، كل الموبقات.

رضخت مصر لرغبة إسرائيل رغم تجاوزها للدور المصري والمبادرة المصرية ، والمواقف الرسمية المناوئة للمقاومة.

أجل وقعت مصر لإسرائيل ضماناً لأمنها.

هكذا بكل بساطة من أجل عيون إسرائيل ، فهي الجريحة التي خرجت مهزومة وهي التي بات أهلها الليالي الطوال في المخابئ ؛ فهي التي تستحق المواساة.

أجل هذه هي متطلبات العيش السلمي ، العيش في عالم الديمقراطية ومكافحة الإرهاب ، إرهاب الأطفال والنساء الذين يرهبون العالم بصورهم المأسوية يعرضون أجسادهم الممزقة واشلاء منازلهم ، المهدمة وبقايا جثثهم المحترقة والمتحللة أملاً في أن ينالوا تعاطف العالم ، ولكن هيهات هيهات.

لقد وقّع العالم كله من أجل أمن إسرائيل فمن يوقع لحماس ؟ من يوقع للأطفال والنساء والشيوخ والجرحي ؟ من يضمن أمن هؤلاء أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية؟

هل يكفي التحذير الذي وجهه وزير الخارجية المصري لحماس عذراَ لتخاذل المواقف والتخلي عن المقاومة ؟

ألم يحذر إسرائيل في المقابل من جراء ما ترتكبه من تجاوزات في حربها على الأطفال والنساء كما حذر حماس ، فهل استجابت إسرائيل ولم تستجب حماس ؟

إذن لماذا وقع لإسرائيل ، ولم يوقع لحماس؟!!!

ليست هناك تعليقات: